المشاركات

فتنة الكلمات وخيانة الانتماء: حين يتحوّل الخطاب السياسي إلى طعن في الوطن

صورة
في لحظة تاريخية بالغة الحساسية، يعيش فيها المغرب تحديات إقليمية وأمنية متعددة، لا سيما في ظل تنامي التهديدات القادمة من شرق الصحراء، خرجت على السطح أصوات “من الداخل” تمارس دور المعاول التي تهدم جدران الثقة، بدل أن تساند البناء الوطني. خمسة وجوه سياسية وإعلامية برزت خلال هذه السنوات الأخيرة بتصريحات مريبة، تحولت من “الرأي” إلى “تحريض”، ومن “الموقف” إلى “الفتنة”: أحمد ويحمان، عزيز هناوي، عبد الإله بن كيران، عبد الله بووانو، وحميد المهداوي . ويحمان: إسقاط النظام باسم فلسطين أحمد ويحمان لم يعد يكتفي بموقف ضد التطبيع، بل تجاوزه ليحرّض على “إسقاط النظام”. عباراته لم تخلُ من تهديد صريح لوحدة الوطن، عندما قال: “التطبيع يسقط النظام… ومن يطبّع فهو خائن ويستحق اللعنة”، متناسياً أن التطبيع قرار سيادي تتخذه الدولة بما يراعي مصالحها العليا، دون أن يُلغي دعم المغرب لفلسطين، الذي لم يتوقف يومًا منذ عهد السلطان محمد الخامس. وإن كان التطبيع خطأ حسب رأيه، فهل يصبح الحل هو الدعوة للفوضى وإسقاط الاستقرار؟ أليس هذا تحريضًا صريحًا يُجرّمه الدستور المغربي نفسه في فصله السابع. هناوي: من اتهام المواطنين إلى تخ...

في بلد يُفترض أن يكون فيه التعليم مفتاحًا للمستقبل، يُصبح الحلم كابوسًا، وتُحوَّل الجامعة من منارة للعلم إلى سوق للوساطات والصفقات.

صورة
القضية التي تفجّرت مؤخرًا والمتعلقة بأستاذ جامعي كان يُدرّس في كلية الحقوق بأكادير، والمتهم بالتلاعب في لوائح الماستر ومنح شهادات مقابل المال، ليست مجرد حادث معزول. إنها نتيجة حتمية لمنظومة تآكلت من الداخل، حيث لم يعد التفوق الدراسي معيارًا، بل حجم “العطايا” والعلاقات هو ما يحدد مستقبلك. لكن بعيدًا عن هذا الأستاذ، دعونا نتحدث عن الطالب البسيط… عن ذاك الشاب الذي يغادر قريته في الجبل أو البادية، حاملاً حقيبة صغيرة مليئة بالأمل. يصل إلى المدينة الكبرى، يكتري غرفة في حي شعبي، يشاركها أحيانًا مع ثلاثة أو أربعة طلبة، يعيش على مساعدات بسيطة من والده الفلاح، أو أمه الأرملة. يستيقظ باكرًا، يمشي كيلومترات إلى الجامعة، يجلس في مدرج مكتظ، يستمع بإرهاق، يسهر الليالي في المكتبات، يحلم فقط بفرصة لماستر… ويفاجأ أن مقاعده قد تم توزيعها في مقاهي النخبة قبل حتى أن تُنشر النتائج. وأنا، كاتب هذه السطور، كنت أحد أولئك الطلبة. درست القانون بكل جد، وراودني الحلم بأن أُكمل دراستي وأصبح إطارًا في بلدي. لكنني، كغيري، اصطدمت بجدار المحسوبية والزبونية. فاخترت أن أبحث عن باب آخر. اشتغلت في مجال السياحة،...

إلى كل من يتجرأ على تشويه نضال الأمازيغ الأحرار ويشكك في وطنيتهم

صورة
نحن أمازيغ لا نطلب منكم شهادة في حب الوطن، لأننا   أبناء هذه الأرض قبل أن تُرسم خرائطها وقبل أن تُرفع فوقها أي راية جذورنا أعمق من زيفكم، ودماؤنا سالت في الجبال والسهول دفاعًا عن هذا الوطن، يوم كان كثير منكم يتملق للمستعمر أو يختبئ خلف جدران الذل نحن لا نخرج بإيعاز من أحد، نخرج لأننا نؤمن بالكرامة، بالحق، بالعدالة. نخرج لأن أهلنا في  الحوز  ما زالوا تحت أنقاض الزلزال دون مأوى ولا حلول جذرية نخرج لأن  الأراضي السلالية  تُنهب باسم القانون من الفلاحين الأمازيغ البسطاء، نخرج لأن  الرعي الجائر  يحاصر قرانا، ويعتدي على أراضينا وسكاننا دون محاسبة نخرج لأن  اللغة الأمازيغية  رغم ترسيمها، لا تزال مهمشة في التعليم والإدارة والقضاء والإعلام نخرج لأننا لا نجد أنفسنا في  التمثيلية السياسية  ولا في مفاصل القرار، نخرج لأن أبناءنا يُقصَون من حقهم في الشغل، والتنمية، والصحة، والماء، والبنيات التحتية نخرج لأن  العنصرية والاحتقار  تمارَس ضدنا جهارًا، في الإعلام، في الخطاب، في السياسات، في المعاملات اليومية نخرج لأننا نُعامل كمواطنين من الدرج...

في زمن الفراغ ومجتمع تحتضر فيه الأخلاق

صورة
، نحن لا نعيش أزمة أخلاق فقط، بل نعيش انهيارًا شاملًا للمعنى مجتمع اليوم لم يعد فقط متفكك الروابط، بل مُفرغًا من كل ما يمنح الإنسان اتجاهًا وقيمة، التقدم التقني، والوفرة المادية، والانفتاح الرقمي، لم تفعل شيئًا سوى تكريس العزلة وتضخيم الشعور باللاجدوى، وكأننا نعيد إنتاج تجربة Univers 25 الشهيرة، التي وفرت كل شروط الراحة لفئرانها، فماتت مكتئبة، من دون تهديد خارجي، من دون جوع أو فقر، فقط من وفرة بلا هدف ابن خلدون أشار منذ قرون إلى أن الحضارات لا تنهار من الخارج، بل من الداخل، حين تتآكل القيم، وتنحل الروابط، وتتفكك العصبيات التي تشد المجتمع بعضه إلى بعض، ما نعيشه اليوم هو صورة حديثة لهذا الانهيار البطيء أمام أعيننا، ينقلب ميزان التربية، طالب يعتقد أن الحب يُنتزع بالقوة، فيقتل أستاذته لأنها رفضته، في مأساة تفضح غياب أي نظام قيمي في داخله، آخر يعتدي على أستاذه أمام الجميع، ثم يُستقبل في المدرسة كبطل، في مشهد عبثي يُجرد التعليم من هيبته، ويُكرس ثقافة العنف والاحتقار بدل الاحترام والمسؤولية الإعلام، بدوره، لم يكن بريئًا، نرى برامج هزلية تُقدَّم فيها الأسرة كمساحة للتهكم، زوجة تسخر من زوجها وت...

الجنوب الشرقي ، الجنوب المنسي

صورة
  في الجنوب الشرقي من المغرب، تتوالى المآسي يومًا بعد يوم، وكأن الزمن توقف. هذه المنطقة، التي تحمل ثروات دفينة من الفضة والمعادن، تعاني من الفقر والتهميش، حيث يغيب الضمير ويحل محله تحالف المصالح والفساد. جنوب يغلي بالغضب والكبت، حيث يعاني سكانه من بطالة وفقر مدقع، رغم ما تحويه أرضهم من خيرات لا تنعكس على حياتهم اليومية. الهواء في هذه المنطقة ثقيل، يُشعرك كلما استنشقته برواسب الإهمال المتراكم. وجوه الناس حزينة، وألوان ملابسهم باهتة، وكأنهم في عزاء مستمر. الشوارع مكتظة بالبطالة والأمية، بينما الفرص تبدو بعيدة المنال. السكان عالقون في دوامة من الزمن، بينما أقدارهم تُحددها عقارب ساعة لا تكاد تتحرك. الآباء يودعون أبناءهم بحثًا عن العلم أو العمل، لكنهم كثيرًا ما يعودون إليهم في صناديق خشبية، موتى نتيجة ظروف قاسية في الداخل أو الخارج. هؤلاء الناس لم يختاروا أن يعيشوا في هذه الظروف، لكنهم مجبرون على الاستمرار في مواجهة حياة فقدوا فيها كل شيء. ومع ذلك، يبدون وكأنهم قد استسلموا للنوم العميق، غارقين في سبات يمنعهم من النهوض لتغيير مصيرهم. وكأن الوسائد التي يستندون عليها تفوق الحرير نعومة، تمن...

حين يصبح القمع جوابًا: الشباب المغربي بين الهجرة وقمع الحريات

صورة
 ‎ونحن نتساءل عن السبب الحقيقي وراء التدهور المتزايد في حقوق الإنسان بالمغرب؛ ليس بالغريب أن نجد ممثلًا لهيئة حقوقية يطالب بإعتقال شباب حاولوا تغيير واقعهم عبر الهجرة غير القانونية، رغم صعوبة هذا الخيار، بدلًا من حمايتهم والدفاع عنهم ضد العنف الممارس عليهم، يدعو إلى اعتقالهم بصوت فخور، وهنا لا نستبعد تورطهم في ذلك، انه فعلا أمر مؤسف للغاية و يحز في النفس ‎إلى من يعتقد أنه بسياسة الحديد والنار ستخضع الشعوب وتكمّم الأفواه وتكبّل الأيادي، فقد أخطأ الحساب ولم يقرأ الواقع قراءة صحيحة. اليوم، لغة القوة لم تعد الحل للمشاكل التي يعاني منها الشعوب مهما بلغ حجمها، فعبرالتاريخ النفس البشرية ترفض الاستبداد والخضوع للحكام الظالمين الذين يصلون إلى الحكم على حساب عرق الفقراء. لا يمكن لعاقل أن يدافع عن استخدام القوة لقمع الناس الذين يتنفسون الحرية، فهذا ليس حلًا للنزاعات القائمة. ‎الواقع يفرض على من يتبنون هذه السياسة أن يعيدوا النظر في الأحداث التي تشهدها المنطقة. ينبغي أن يغلّبوا الحكمة والعقلانية على المصالح الشخصية والنزاعات الهامشية، هذا ان كنت تريدون مصلحة بلادنا المغرب أصحاب الرؤى العنيفة ل...

حين يدفع الهامش الثمن: الهوة بين مغرب النافع والمغرب العميق تزداد اتساعاً

صورة
  تستمر الهوة العميقة بين "مغرب الإدارة النافع" و"المغرب العميق" في التوسع مع كل أزمة تمر بها البلاد، وهو أمر يتجلى بوضوح في تكرار الكوارث الطبيعية وآثارها القاسية على الفئات المهمشة. ما يسمى بـ"مغرب النافع" يتسم بتوفر خدمات البنية التحتية، الرعاية الصحية والتعليم، حيث تتركز الجهود التنموية والاستثمارات الكبرى. في المقابل، يعيش "المغرب العميق"، الذي يشمل القرى والمناطق الجبلية النائية، في ظروف قاسية، حيث تعاني هذه المناطق من نقص شديد في الخدمات الأساسية وضعف في القدرة على التكيف مع الأزمات المتكررة. في الأيام الأخيرة، اجتاحت فيضانات مدمرة عدة مناطق في جنوب شرق المغرب، خاصة في إقليم طاطا، حيث فقد 12 شخصًا ولا يزال الكثير في عداد المفقودين. هذه الفيضانات دمرت المنازل وعزلت مناطق بكاملها عن باقي البلاد، مما أدى إلى تفاقم معاناة سكان هذه المناطق الذين يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول إلى المساعدات الإنسانية والخدمات الطارئة. وفيما تناشد الأسر المتضررة السلطات لتقديم الدعم، تأخرت الاستجابة الفعالة، وهو نمط يتكرر في الكوارث الطبيعية التي تضرب المناطق الن...